كان والدي يعمل موظفاً لدى الحكومة في مجال فرز الأراضي التابعة لأملاك الدولة ، الأمر الذي يتطلب منه التنقل بين المحافظات لتسوية المشاكل مابين الدولة والمواطن فكان أول مدينة انتقلنا إليها من حماة هي معرة النعمان ....وكنت في الصف الخامس ،أدهشتني الطبيعة الجميلة في معرة النعمان كبساتين ومروج خضراء و(شعيبيات) ونهر "الهرمس" ولا أعرف الآن فيما إذا كان يتدفق أم أصابه (الجفاف) كان اكتشافي الأول للعلاقات العاطفية بين
أنه انتقل من المحلية إلى العالمية في رسوماته،وساعد في ذلك تمثله للقضايا الانسانية وتجسيده لها من خلال الخطوط دون أن تحمل تعليقاً مكتوباً وقد نقلت عنه معظم الصحف العالمية مثل البرافدا،الميدل إيست،جون افريك،رودى برافو،ستيرشل،شفيت أوبرازيخ،الجارديان،عدا عن الصحف العربية طبعاً،وكان في كل ذلك صاحب اتجاه جديد وفكر واضح ورؤية محددة وتجربة خاصة جداً في سوريا
معلومة جديدة قد لايعرفها كثيرون عن علي فرزات وهي أنه تقدم للعمل كطيار ،وقد ووفق على طلبه لكن الظروف حالت دون ذلك ....ويقول علي فرزات مداعبة ً "مازلت أمارس هوايتي كطيار،ولكنني لاأحلق إلا في أجواء الخيال"..والرسام الطيار علي فرزات لايرضى بالتصنيفات ،لذا لايؤمن بالفصل مابين السياسة والمجتمع...القضايا السياسية والإجتماعية والإقتصادية في رأيه واحدة،متكاملة ،والسياسة لاتنفصل عن القضايا الإجتماعية والإقتصادية....يقول علي فرزات"عندما أرسم مسألة اجتماعية فبالتالي أكون قد تناولت قضية سياسية من خلال هذه المشكلة وأيضاً أكون قد تناولت حالة إقتصادية في وقت واحد
هناك مفردات تتكرر في معظم رسوماتي منها الميكرفون ،القناع ،الكرسي ،وأخيراً الحذاء ، تمشياً مع أسلوبي في الرسم والتكشيف ،هكذا ألخص كل مسألة الخطابة بالميكرفون ،الحذاء العسكري واضح لأي شيء يرمز ،هناك في الحقيقة رموز كثيرة أستخدمها مثلا ً
انتسبت إلى دار حضانة تعمل بها إمرأة متدينة ،إضافة لأختين عانسات تحملان عصا طويلة تصل لأبعد طالب ،وكان باب الغرفة يغلق بشكل جانبي مشكلاً زاوية بينه وبين الباب الآخر ،حينها أغرمت بطفلة كانت تدرس معي وكنا نجلس خلف الباب نتغازل ببراءة طفولية وأيام الخميس كانت تحفظنا بعض الأناشيد لنرددها يوم السبت على مسامعها ..وكان سمعها ثقيلاً ممايدفعنا إلى رفع أصواتنا إلى أعلى
بعد أن تم إدخالي إلى غرفة الفئران كعقوبة لي ،كانت مساحة الغرفة طولانية وتستخدم كمكان للمونة وكانت مظلمة بشكل كبير لدرجة بدأت أتخيل أن هناك أشياء تتحرك أمامي ..حينها شعرت بالخوف وبدأت بالبكاء بصوت عالي كي أخرج منها لكن لم يكن أحد يسمعني بإعتبار أن الصوت في الخارج كان أعلى أثناء ترديد الأطفال للأناشيد وأكثر شيء جعلني أخاف أنه أثناء انصراف الأطفال يكون الصخب أعلى
يبدو أن شيئاً من ذكريات طفولتي أصبح يشكل عاملاً مهماً في تشكيل لوحاتي فالمشاغبة كانت ومازالت مستمرة منذ طفولتي وحتى الآن فعندما كنا أطفالاً في المدرسة نستغل غياب بعض المعلمين عن حصصهم وكنت أجتمع مع مجموعة من الصغار الأشقياء للهروب من المدرسة إلى بستان بجانب العاصي فيه مالذ وطاب من الثمار وكان يذهب أحدنا كفريق استطلاع ليراقب صاحب البستان إذا كان بعيداً أو قريباً من الأشجار التي نود الاستيلاء على ثمارها وكانت حسب أولوياتنا ثمار اللوز الأخضر ،وبعد تأكدنا من خلوالمكان نصعد جميعاً إلى أشجار اللوز ونبدأ بجني الثمار ثم نخبئها ضمن ملابسنا المدرسية من الداخل فتصبح أشكالنا مضحكة كالكرة.
في احد المرات سمعنا
بعد ان عدنا الى المنزل قام والدي بخلع حمالات بنطاله التي كانوا يستخدمونها قديماً وحزمني بها وأوثق قدماي ويداي بهما وجاء بقطعة قصيرة من بربيج الحمام وسلخني فلقة ،مما استدعى تدخل والدتي الحنونة في الأمر ،وأبعدته عني .
إلى الآن مازلت أذكر طعم تلك الفلقة التي لم تضاهيها كل الفلقات التي أكلتها في المدارس الابتدائية ،فكرت بأن أقوم برد فعل يعبر عن غضبي اتجاه تلك الليلة المشؤومة ،وبقيت ساهراً حتى آذان الفجر حيث كان والدي يصطحبني إلى الجامع
إن أول يوم في المدرسة وأول يوم عاطفي بالنسبة لي وأول يوم أخذت فيه أعلى علامة في مادة الحساب" 5 " لن أنسى تلك الأيام مطلقاً ،أيقظني أبي حينما كنت أنعم بدفء الفراش وحنان الأم وسحبني من يدي بينما كنت متظاهراً بالمرض خوفاً من الذهاب إلى المدرسة التي كانت بالنسبة لي مجهولاً مرعباً .....وباختصار وجدت نفسي بين تلاميذ يشبهونني بالملابس المصممة للصف الأول الإبتدائي وكانت الصدرية السوداء ،مازالت رائحة الصف الأول تحديداً من بين كل الصفوف تزكم أنفي ،فالتلاميذ كلهم
كلما ذكر أحد أمامي كلمة الحساب والآخرة ،أشعر برهبة كما لوأني تلميذ في الصف الأول لأن كلمة الحساب سواء كانت بالآخرة أو في الدنيا تعني لي شيئاً واحداً وهي حساب الجمع والضرب والطرح فدرس الحساب مازال في مخيلتي في ذلك الصف في مدرسة نور الدين شهيد في حماة زائد الأستاذ ظافر الإمام وعصاه المفلطحة ونظراته القاسية والحنونة أحياناً