المكان : الساحة الكبيرة أمام الجامع الكبير, في المدينة القديمة قدم التاريخ.
الزمان : لحظات تسبق انتهاء السجدة الأخيرة, من صلاة يوم الجمعة.
الحدث : حشد غفير من الناس؛ رجال ببزات جلدية سوداء, يرمقون المارة عبر الساحة من رأسهم حتى أخمص القدمين.
وسط الساحة : شباب توحي مناظر الأعلام الوطنية وصور السلطان المعظم في أيديهم, عن طلبة ينتظرون إشارة ما, للإعلان عن فصل جديد من فصول الولاء المعتادة, لكن في زمان ومكان تم اختيارهما بعناية أمنية فائقة.
في الساحة أيضاً : سرب من طيور الحمام, يلتقط حبات الذرة من الأرض, ومن يد بعض السياح الأجانب, حيث تكشف هيئاتهم الخارجية ونظراتهم الفاحصة, عن صحفيين ومراسلين, لا يجيدون التنكر, قدر أجادتهم اختيار زاوية, تكشف الساحة من يمينها إلى أقصى يسارها, حيث بوابة السوق العتيق.
قليلا إلى الأعلى في مرمى النظر: أسراب أخرى من الحمائم تتقافز على جدران المعبد المقدس, وأخرى تطير في الفضاء ما بين مآذنه و أجراس الكنائس القريبة.
لحظة البدء : على حين غرة, أطبق على المكان صمتٌ , شابه هديل خفيف و هرج بدا مسموعا من الداخل, لحظة انتهاء الصلاة فيه.
لتوها بدأت جموع المصلين بالخروج, لكن على مقربة من الباب كانت مجموعة أخرى لا تزال تصلي باسم الأب و الابن والروح القدس راسمة علامة الصليب دون أن تلفت الأنظار. أغلق الباب الكبير, إلا أن العيون الشاخصة خارجا, بقيت مثبتة على باب أخفى الباحة الداخلية من وراءه.
أعيد فتح الباب ثانية فخرجت دفعة أخرى رافعة لوحة يتعانق فيها الهلال والصليب. لم يكد المصراع يبلغ مداه حتى انطلقت أصوات تكبير متتالية, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر.
طار الحمام لينضم مع طيرانه إلى الهاتفين من جاء متضامنا, لكن الحشد الكبير في الساحة بقي متماسك الموقف, رافعا الصور والأعلام كإجراء استباقي. وأنطلق الهتاف المفاجأة بعدها, هي ذي كلمة واحدة اخترقت الأجواء والمسامع, لم يتجاوز تكرارها ثلاثا؛ حرية, حرية, حرية كانت كفيلة أن تخرج الحشد من صمته, فبدأ يفتك بالجموع الواقعة في مرمى نظره بهتاف مضاد, لاذت على أثره أسراب الحمام بالعلو أكثر فأكثر.
على دفعات ابتلع الحشد الكبير الجموع الخارجة من الداخل, حتى لم يبق في الأجواء, أي آثر لهتاف الحرية أو لأسراب الحمام.
مساء ً: كانت أسراب الطيور الزاجلة تطير في كل الاتجاهات, قاصدة بنات جنسها في معابد المدن الأخرى على امتداد خارطة البلاد, وعلى غير عادتها, استهلت مذيعة التلفزيون الرسمي, نشرة الأخبار بخبر غير تاريخي أفاد؛ أن عدد من الطيور الزاجلة المندسة, نقلت عدوى إلى أسراب الحمام في الجامع الكبير, عدوى سبق أن أصيبت به طيور زاجلة وجموع من المصلين في بعض الدول المجاورة, مما جعلهم يندفعون إلى الشوارع عقب انتهاء الصلاة, مطالبين بالحرية, هاتفين ملئ الحناجر والأفواه؛ الشعب يريد إسقاط النظام
بقلم : Gihad Gihado







